فأما على قول من يجيز ذلك فلا يصح النسخ. والذين قالوا إنها ليست في الزكاة المفروضة، اختلفوا هل هي منسوخة أم لا؟ فذهب بعضهم إلى أنها نزلت قبل فرض الزكاة ثم نسختها الزكاة المفروضة وهذا منسوب إلى السدي أيضًا وذهب بعضهم إلى أن هذا الاتفاق مندوب إليه، أنه غير الزكاة المفروضة وهو باق لا نسخ فيه وهو قول ابن جريج وغيره.
اختلف في هذه الآية هل هي منسوخة أم لا؟ فقيل إن الجهاد كان فرضًا على الأعيان بهذه الآية وما أشبهها، ثم نسخ بأن صير فرضًا على الكفاية لقوله تعالى:{وما كان المؤمنون لينفروا كافة}[التوبة: ١٢٢] وقيل: إن فرضه إنما كان على الكفاية، ولميزل كذلك، والآية ليست منسوخة. وذهب بعضهم إلى أنها ناسخة لكل رخصة في الجهاد قالوا: فصار فرضًا إلا أنه يحمله بعض الناس على بعض وإن احتيج إلى الجماعة وجب عليهم الخروج، ومثله في قيام بعض المسلمين عن بعض الصلاة على الجنائز، وعيادة المرضى، ورد السلام، وتشميت العاطس ونحوه.
وذهب بعضهم إلى أن المراد الأعيان، لكن ذلك على طريق الندب لا على طريق الإيجاب. وهذا قول ضعيف، لأن قوله تعالى:{كتب} إنما معناه فرض، فهذا نص في الإيجاب فأي طريق للندب هنا وقال الثوري: إن الجهاد تطوع، وهذا خلاف لظاهر الآية إن حمل على ظاهره، والإجماع على أن الجهاد فرض كفاية، يتأول على أن ذلك إنما هو إذا أقيم بالجهاد.
وقوله تعالى:{القتال} لم يتبين فيه من المقاتلون من الأنام فيحتمل