تقتضي نفي الأخبار. وقد رد هذا الاستدلال مثبتو خيار المجلس وغيرهم، وزعموا أنه ضعيف. وقال الشافعي: تمام التراضي وجزمه بافتراق الأبدان بعد عقدة البيع، وأن يقول أحدهما لصاحبه: اختر، فيقول: قد اخترت وذلك بعد عقدة البيع. واحتج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:((البيعان بالخيار ما لم يفترقا إلا بيع الخيار))، وهذا بحديث قد تأول على وجوه ليس هذا الكتاب موضع ذكرها.
[(٢٩) - قوله تعالى:{ولا تقتلوا أنفسكم}]
واختلف في تأويله، فقيل: لا تتجروا في بلاد العدو فتغرروا بأنفسكم، وهذا التأويل في النهي عن التجارة إلى أرض الحرب يوافق مذهب مالك وغيره في تشديد الكراهية في التجارة إلى بلد الحرب، وإن كان قد جاء عن مالك ما يظهر منه إجازة ذلك. وقال بعضهم: المقصود بالآية النهي أن يقتل بعض الناس بعضًا، وأن يقتل الرجل نفسه بقصد منه إلى ذلك وأن يحملها على غرر ما مات منه، وقد احتج عمرو بن العاص بهذه الآية حين أجنب وتيمم وصلى بالقوم ولم يغتسل بالماء البارد خوفًا على نفسه منه فأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجاجه. ومن أكره على الكفر فاختار القتل فلا خلاف فيه أنه أفضل ويخصص هذا من الآية بالإجماع. وأما من أكره على غير الكفر من فعل ما لا يحل له، فاختلف في الأفضل من