[(٨٦) - قوله تعالى:{وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها}]
اختلف في المراد بالآية، فقيل: المراد بها تشميت العاطس، حكي ذلك عن مالك، وهو قول ضعيف ترده ألفاظ الآية. والذي ينبغي أن يظن بمالك أنه أراد قياس التشميت على رد السلام، وأن الآية في رد السلام لا في تشميت العاطس، كظاهر ما نسب إليه. وقيل: هو الذي عليه الجمهور: أن الآية في رد السلام؛ لأن التحية المقصودة بها السلام في كلام العرب، ألا ترى قول عبدة:
عليك سلام الله قيس بن عاصم ... ورحمته ما شاء أن يترحما
تحية من غادرته غرض الردى ... إذا زاد عن سخط ديار كسلما
وإذا قلنا: إن المراد بالآية السلام، فهل قوله تعالى:{وإذا حييتم بتحية} عام في كل من سلم من مسلم وكافر، أو خاصة فيمن سلم على مؤمن. اختلف في ذلك على قولين، أحدهما: أن الآية خاصة في المؤمنين فلا يجوز رد السلام على غير المؤمن، وإلى هذا ذهب عطاء. وذهب الجمهور إلى أن الآية عامة وأن السلام يرد على من سلم مؤمنًا كلن أو كافرًا؛ إلا أنهم اختلفوا في كيفية الرد على الكفار، فقال قوم بظاهر الآية ولم يفرقوا في ذلك بينهم وبين المؤمنين. وقال بعضهم: يرد عليهم بأن يقال: عليك، وعن بعضهم:((السلام عليك))، يجعله بعضهم اسمًا