لا خلاف أن الموهوبة كانت خالصة للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه لا يجوز لغيره. إلا أنهم اختلفوا هل يجوز أن ينعقد النكاح على شروطه بلفظ الهبة أم لا؟ فأجازه ابن القاسم دخل أو لم يدخل. وذكر ابن المواز عنه وعن عبد الملك أنه يفسخ قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل، وبه قال أبو حنيفة. وقال أشهب وابن وهب وابن عبد الحكم أنه يفسخ وإن دخلت، وبه قال الشافعي. وذكر ابن المواز أنه لم يختلف مالك وأصحابه بأنه يفسخ قبل البناء وليس ذلك بصحيح فمن منعه فلوقوع اللفظ فاسدًا إذ ذلك اللفظ لم يبحه الله تعالى إلا في جهة النبي صلى الله عليه وسلم فمن أجازه راعى المعنى.
وقوله تعالى:{قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم}:
قيل المراد بذلك نكاح أربع نسوة لا يتجاوز أكثر والولي والصداق، ويختلف في الشهود هل يدخلون في الفرض أم لا؟ فمن أجاز عند النكاح بغير شهود إذا أعلن به -وهو مذهب مالك وغيره- لم يرهم داخلين في الفرض. ومن لم يجزه -وهو مذهب الشافعي وغيره- رآهم داخلين في الفرض. وذهب بعض أهل النظر إلى أن الرجم الذي كان يقرأ في سورة الأحزاب داخل في هذه الآية.
[(٥١) - وقوله تعالى:{ترجي من تشاء منهن وتؤي إليك من تشاء}]
معناه أن الله تعالى فسح لنبيه صلى الله عليه وسلم فيما يفعله في جهة النساء. والضمير في {منهن} عائد على ما تقدم ذكره من الأصناف اللائي أحللن للنبي صلى الله عليه وسلم حسب الخلاف المذكور في ذلك. واختلف في معنى الإرجاء والإيواء