للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلة وأنتم سكارى} الآية، هذا خطاب للسكارى، وهذا هو التكليف. وعن ذلك أجوبة لأهل القول الثاني، أحدها: أن هذا خطاب مع المنتشي الذي ظهر منه بادئ النشاط والطرب ولم يزل عقله؛ فإنه قد يستحسن فيه من اللعب والانبساط ما لا يستحسنه قبل ذلك، ولكنه عاقل.

[(٤٣) - قوله تعالى: {حتى تعلموا ما تقولون}]

معناه تتبينوا وتتكامل منكم نياتكم، كم يقال للغضبان حتى تعلم ما تقول، أي: يسكن غضبك فيكمل علمك وأن أصل عقله باقيًا، وهذا لأنه لا يستغل بالصلاة مثل السكران، وقد يعسر عليه تصحيح المخارج وتمام الخشوع. وضعف هذا القول أبو الحسن، بأن قال: الإجماع منعقد على أن هذا مأمور بفعل الصلاة، فكيف يكون منهيًا؟ والثاني: أن هذا الخطاب للصاحين ورد في ابتداء الإسلام قبل تحريم الخمر، وليس المراد به المنع ن الصلاة، بل المنع من إفراط الشرب في وقت الصلاة، كما يقال: لا تقرب التهجد وأنت شبعان، ومعناه: لا تشبع فيثقل عليك التهجد. واختلف في حد المسكر فقال مالك: إذا تغير عن طباعه التي هو عليها. وقال الثوري: هو اختلاط العقل وهو أن يستقرأ فإن أقام القراءة وسئل فتكلم بما يعرف لم يحد وإن لم يقم القراءة ولا غيرها حد.

وقال أبو حنيفة هو أن لا يعرف الرجل من المرأة، وقال مرة: أن لا يعرف قليلًا ولا كثيرًا. وقال الشافعي: أصل السكر ان يغلب على عقله في

<<  <  ج: ص:  >  >>