[(٦٧) - قوله تعالى:{ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة}]
اختلف في هذه الآية هل هي منسوخة أو محكمة، والذين ذهبوا إلى أنها منسوخة قالوا إنها نزلت والمسلمون قليل فأمر الله فيها بالقتل وعاتب على الأسر وترك القتل، فلما كثر المسلمون واشتدت شوكتهم أنزل الله تعالى التخيير فقال:{فإما منا بعد وإما فداء}[محمد: ٤] وروي عن ابن عباس. وقال بعضهم كان الله تعالى قد أمر بإكثار القتل بقوله:{فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان}[الأنفال: ١٢] فأبى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر إلا أسر بعضهم رغبة في الفداء فصار معصية منهم ومخالفة فنزلت الآية.
والذين ذهبوا إلى أنها محكمة اختلفوا فقالت جماعة الآية خبر، أخبر الله تعالى فيها أنه لا يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض، فلما أثخن في الأرض كان له أسرى، والأخبار لا تنسخ. وقيل إن سبب هذه الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جمع أسارى بدر استشار فيهم أصحابه. فقال أبو بكر: يا رسول اله هم قرابتك ولعل الله تعالى أن يهديهم بعد للإسلام فادهم واستبقهم ويتقوى المسلمون بأموالهم. وقال عمر بن الخطاب: لا يا رسول الله بل تضرب أعناقهم فإنهم أئمة الكفر. وقال عبد الله بن رواحة: بل نجعلهم في واد كثير الحطب ثم نضرم عليهم نارًا. وقد كان سعد بن معاذ قال وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش وقد رأى أسارى قد كان الإثخان في القتل أحب إلي من استبقاء الرجال. فأخذ بقول أبي بكر فنزلت الآية تخير أن الأولى والأهيب على سائر الكفار كان القتل.