ويحتمل أن تكون إفاضة أخرى وهي التي من المزدلفة، فإذا جعلن قوله تعالى:{ثم أفيضوا} أمرًا بالإفاضة من عرفة فيحتاج إلى تقدير. وقد اختلف الناس في تقديره فقال بعضهم:{ثم} ليست في هذه الآية للترتيب، وإنما هي لعطف جملة كلام على جملة كلام هي منقطعة منها. وقال بعضهم:{ثم} بمعنى الواو. وقال الطبري: في الكلام تقديم وتأخير، التقدير، فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم} إلى قوله: {فاذكروا الله عند المشعر الحرام} واحتيج إلى هذا التقدير لأن الإفاضة من عرفات قبل المجيء إلى المشعر الحرام. وإذا قلنا إن المراد بذلك إفاذة أخرى من المزدلفة، وقد قيل ذلك، وهو الذي عول عليه الطبري فثم على بابها.
(٢٠٠) - قوله تعالى:{فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا} الآية [البقرة: ٢٠٠].
فقال ابن عباس كانت العرب إذا قضت مناسكها وأقاموا بمنى يقوم الرجل فيقول: اللهم إن أبي كان عظيم الجفنة، عظيم القبة، كثير المال، فأعطني مثل ما أعطيت لأبي. فنزلت الآية وأمروا بذكر الله عوضًا من ذلك. ويحتمل أن يريد الأذكار التي في خلال الناسك فيكون كما تقول للرجل: إذا حججت فطف بالبيت، وإذا صليت فتوضأ، كقوله تعالى: