يريد، فإن أرادا فصالًا قبل الحولين، وإن يرد بعدهما، لأن الفاء تقتضي التعقيب. ومن هنا نشأ النظر في رضاعة الكبير. والاحتمال الأول أظهر.
ولا يقع التشاور والتراضي إلا بما لا ضرر فيه على المولود فإن لم يكن عليه في ذلك قبل الحولين ضرر فلا جناح عليهما في فضله. ومن دعا عليه منهما إلى كمال الحولين فذلك له، وروي عن ابن عباس أنه قال ذلك في الولد الذي مكث في البطن ستة أشهر، فإن مكث سبعة أشهر فرضاعه ثلاثة وعشرون شهرًا، وإن مكث ثمانية أشهر فرضاعه اثنان وعشرون شهرًا، وإن مكث تسعة أشهر فرضاعه إحدى وعشرون شهرًا. وهذا القول مبني على هاتين الآيتين قوله:{والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين} وقوله: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا}[الأحقاف: ١٥] وسيأتي الكلام على هذه الآية في موضعها مستوعبًا إن شاء الله تعالى. وأما بعد تمام الحولين فمن دعا إلى الفصل فذلك له إلا أن يكون على الصبي من ذلك ضرر.
وفي قوله تعالى:{فإن أرادا فصالًا عن تراض منهما وتشاور} دليل على جواز الاجتهاد في الأحكام بغالب الظنون، وروي عن قتادة قال: كان الرضاع واجبًا في الحولين، وكان يحرم الفطام قبله، ثم خفف فأبيح الرضاع أقل من هذه المدة بقوله تعالى:{فإن أرادا فصالًا} الآية. أي لا جناح عليهما لأنه تعالى قال:{حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} فقد أعطى بقوله معنى جواز الفطام، ثم أكد ذلك بقوله:{فإن أرادا فصالا} فالنسخ بعيد جدًا.
(٢٣٣) - قوله تعالى:{وإن أردتم أن تسترضعوا} الآية [البقرة: ٢٣٣].