جعلها مأمنًا بما جعل فيها من العلامة العظيمة على توحيد الله، وهو اختصاصه لها بما يوجب تعظيمها وذلك ما شوهد فيها من أمر الصيد، وذلك أنه يجمع بين الكلب والظبي، فلا يهيج الكلب الظبي ولا ينفره حتى إذا خرجا من الحرم عدا الكلب عليه وعاد إلى النفر والهرب.
(١٢٥) - قوله تعالى:{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}[البقرة: ١٢٥].
يُقرأ:((واتَّخِذُوا)) على الأمر، و ((اتَّخَذُوا)) على الخبر. وقال أنس بن مالك وغيره في معنى ذلك ما روي عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: وافقت ربي في ثلاث: في الحجاب، وفي {عسى ربه إن طلقكن}. وقلت: يا رسول الله! لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى؟ فنزلت:{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} فهذا أمر لأمة محمد -عليه السلام-، وقد قيل فيه غير هذا، واختلف في المقام، فقيل: هو الحجر الذي ارتفع عليه إبراهيم -عليه السلام- حين بنى البيت وارتفع البناء، وضعف عن رفع الحجارة التي كان إسماعيل يناوله إياها. وقال الربيع بن أنس هو حجر ناولته إياه امرأته فاغتسل عليه فغرقت رجلاه فيه. وقال قوم من العلماء: المقام المسجد الحرام. وقال ابن عباس أيضًا: هو صلاته، وعلى هذا يأتي قول من قال: هو الحجر أو المسجد الحرام.
ومن قال بغير ذلك قال: معناه هو مدعى، على الأصل في الصلاة، وقيل يصلى إليه.