تعالى المغفرة لمن مات كافرًا وأرجى أهل المعاصي من أهل التوحيد إلى مشيئته، فلم يؤيسهم من المغفرة ورأوا أن الآية الأولى تعطي أنه إذا لم تقبل توبة العاصي فلن يغفر الله له، وذهب أكثرهم إلى أن الآية لا تنفي أن يغفر للعاصي الذي لم تقبل توبته، وهو الذي لا يتوب من قريب فيضطر إلى أن يقول: إن قوله تعالى: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} ناسخ لها، وإنما نفت هذه الآية أن يكون تائبًا فلم يتب إلا عند حضور الوفاة. وطعن بعضهم في قول من جعل الآية منسوخة بأن الآية خبر والأخبار لا يدخلها النسخ. وهذا الاعتراض ساقط لأن الآية وإن كانت خبرًا فقد تضمنت حكمًا، وإذا كانت كذلك جاز أن تنسخ وعندنا أن المرتد إذا تاب قبلت توبته. وذهب بعضهم إلى أنه لا تقبل توبته، وحجتنا على من قال ذلك قوله تعالى:{إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة} الآية، وقوله تعالى:{وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون} الآية [الشورى: ٢٥]، وقوله:{قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف}[الأنفال: ٣٨].
(١٩) - (٢٢) - وقله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا} إلى قوله: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء}:
اختلف المتأولون في قوله:{لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا}، فقال ابن عباس: كانوا في الجاهلية إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بمرأته من أهلها إن شاؤوا تزوجوها، وإن شاؤوا منعوها الزواج حتى الموت، فنزلت الآية.