أبو هريرة في أشهر أقواله عند أهل العلم إلى أنه لا يقضي. وذهب طاوس وعروة بن الزبير إلى أنه إذا علم بجنابته، ثم نام حتى يصبح، فإنه مفطر، وإن لم يعلم حتى أصبح فصيامه يجزيه. وقد روي هذا أيضًا عن أبي هريرة. وذهب قوم إلى أنه إن علم به قبل الفجر، فهو مفطر وإن لم يعلم به إلا بعد الفجر، أتم صيامه وقضى، وذهب قوم إلى أنه إن علم بها قبل الفجر استحب له القضاء، وإن لم يعلم فصيامه تام لا يؤمر فيه بالقضاء. وذهب النخعي إلى أنه يجزيه في التطوع لا في الفرض.
(١٨٧) - {فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم} إلى قوله {من الفجر}[البقرة: ١٨٧].
حجة لفقهاء الأمصار، ومن ذهب مذهبهم في هذه المسألة لانه تعالى أباح الجماع والأكل والشرب إلى طلوع الفجر، ومن وطئ إلى طلوع الفجر فلا يمكنه أن يغتسل إلا بعد طلوع الفجر فقد بقي جنبًا إلى أن دخل عليه النهار، ولولا أن هذا جائز لما أباح الله له الجماع إلى وقت طلوع الفجر ولحرمة عند آخر جزء من الليل بمقدار ما يتسع للغسل. والدليل القائم من هذه الآية هو الذي يسميه الأصوليون إشارة اللفظ، ويعنون به ما يتسع له اللفظ من غير قصد إليه. وبعض من يخالف هذا يقول: إنما أبيح الأكل إلى الفجر لا الجماع فإنه لم يقل باشروهن إلى أن يتبين، وإنما جعله غاية للأكل والشرب الذي هو أقرب مذكور، والحائض
فيما ذكرناه بمنزلة الجنب.
وصوم رمضان لا يصح إلا بنية خلافًا لداود لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما الأعمال بالنيات)) وهل تجزى مع طلوع الفجر؟ وروي عن مالك أنها لا تجزي. وقال عبد الوهاب تجزي. قال اللخمي: وهو أحسن لقول الله