نكاية في النفوس أكثر من قلب العصا حية، ونحو ذلك فذكره تعالى تقبيحًا لعملهم، وتنفيرًا لنفوس المسلمين عنهم لا أنه غاية ما ينتهي إليه ففعلهم، وإذا كانت الآية محتملة لهذا لم تكن فيها حجة ظاهرة.
(١٠٢) - قوله تعالى:{فلا تكفر}[البقرة: ١٠٢].
قيل معناه بتعلم السحر، وقيل: بعمله، وقال بعضهم ليس بكفر وبحسب هذا الاختلاف اختلف في حكم الساحر والتكفير ليس بعقلي وإنما يستند فيه إلى الشرع. ولم يرد في ذلك إلا ما جاء في الآية المذكورة من قوله تعالى:{ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر}[البقرة: ١٠٢] وقوله: {يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء}[البقرة: ١٠٢] وقد ذهب مالك رحمه الله إلى أنه كفر بظاهر الآية، وهو ما يستتر به فهو كالزنديق يقتل ولا يستتاب، وعن الشافعي رواية أنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، ولعله إنما هو كفر لأنه من أعمال الكفار، وقيل: ليس بكفر، وإنما سبيله سبيل القتل، فإن قال لم أقتل بسحري لم يكفر ولم يقتل، وإن قال قتلت به عمدًا قتل، وإن قال لم أتعمد القتل كانت الدية، وإن قال: مرض منه ولم يمت أقسم أولياء المقتول لمات من ذلك العمل، وفيه الدية، وهذا مروي عن الشافعي.
وقال أبو حنيفة: ليس السحر بشيء إلا أن يكون فيه كفر فيقتل للكفر. وقال المازري: إنما قلنا إنه يقتل على الجملة لأنه من عمل السحر وعلمه فقد كفر، والكافر يقتل. قال تعالى:{وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر}[البقرة: ١٠٢] فإذا ثبت كونه كفرًا وجب القتل به. قال بعض أصحابنا وقد قال الله تعالى:{ولبئس ما شروا به أنفسهم}