للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٤٥) - وقوله تعالى: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} الآية:

اختلف في قوله تعالى: {النفس بالنفس}، فقيل: هو ناسخ لآية البقرة، وقيل: بل هو مبين لها، ومفسر. وعلى اختلافهم في هاتين الآيتين يأتي اختلافهم في الرجل والمرأة هل بينهما قصاص ما لا؟ فأما في النفس، فالجمهور على أن القصاص بينهما واجب لعموم هذه الآية. وتأولوا آية البقرة على ما قد ذكرناه فيها. وذهب قوم إلى أنه لا قصاص بينهما إلا على صفة ما ذكرناها في سورة البقرة. وعلى ذلك تأولوا آيتها. ورأيت بعضهم قد حكى الخلاف في القصاص بينهما مطلقًا، فإن صح هذا القول فهو قول ثالث، وتعلقه إنما هو بظاهر آية البقرة. وأما القصاص بينهما فيما دون النفس، فالجمهور على وجوبه إلا أبا حنيفة، فإنه لم ير بينهما قصاصًا في الجراحات بوجه. وحجة الجمهور عموم قوله تعالى في هذه الآية: {والجروح قصاص}. ومن ذلك اختلافهم في الحر والعبد هل بينهما قصاص أم لا؟ فأما في النفس فثلاثة أقوال: المذهب كله على أنه لا يقتص من الحر للعبد كان العبد للحر قاتل أم لا. ومذهب أبي حنيفة أن القصاص من الحر لعبد الغير واجب؛ لعموم قوله تعالى: {النفس بالنفس}، ومذهب داود أن الحر يقتل بعبد غيره وعبد نفسه أيضًا لعموم الآية. وحجة القول الأول ما في آية البقرة من التخصيص الذي مقتضاه أنه لا يقتل الحر بالعبد؛ لأنه تعالى قال: {الحر بالحر والعبد بالعبد} [البقرة: ١٧٨]، والعام محمول على الخاص، فهذه الآية مفسرة لتلك. وأما

<<  <  ج: ص:  >  >>