(٧٥) - (٧٧) - قوله تعالى:{ومنهم من عاهد الله} إلى قوله: {فأعقبهم نفاقًا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون}:
هذه الآية نزلت في ثعلبة بن حاطب الأنصاري قيل وفي معتب بن قشير وذلك أن ثعلبة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يدعو له أن يجعل له مالًا. قال: فلو كان لي مال لقضيت حقوقه وفعلت به الخير. ولم يزل به حت دعا له. فاتخذ غنمًا. فنمت له حتى ضاقت بها المدينة، فتنحى عن المدينة، وكثرت غنه فكان لا يصلي الجمعة، ثم كثر حتى تنحى بعيدًا، فترك الصلاة ونجم نفاقه ونزل خلال ذلك فرض الزكاة. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمتصدقين فلما بلغوا ثعلبة قال: هذه أخت الجزية ثم قال دعوني حتى أرى رأي. فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك قال:((ويحه)) ثلاثًا. ونزلت الآية. وبلغ ذلك ثعلبة فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرعب أن يؤدي زكاته فأعرض عنه وقال: إن الله تعالى أمرني أن لا آخذ زكاتك. فبقي كذلك حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ورد ثعلبة على أبي بكر ثم على عمر ثم على عثمان يرغب إلى كل واحد منهم أن يأخذ منه الزكاة. فكلهم يرد ذلك اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبقي كذلك ثعلبة حتى هلك في مدة عثمان. فقوله تعالى:{فأعقبهم نفاقًا} نص في المعاقبة على الذنب بما هو أشد منه، والتقدير فأعقبهم الله نفاقًا. وقيل التقدير فأعقبهم البخل نفاقًا.
وقوله تعالى:{إلى يوم يلقونه}: يقتضي موتهم على النفاق. ولذلك لم يقبل رجوع ثعلبة لشهادة القرآن عليه بالنفاق إلى يوم الملاقاة. وقوله تعالى:{نفاقًا}: يحتمل أن يريد نفاق معصية ويحتمل لأن يريد نفاق كفر.