المفسرين وقال: قتلهم لا يكون إلا إذا جلحوا، وإذا جلحوا فهم كفار ثم قال ما ينقض مذهبه. قال: ووجه ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم المنافقين بالمدينة أنهم لم يكونوا مجلحين بل كان كل مغموس عليه إذا وقف ادعى الإسلام فكان في تركهم إبقاء وحياطة للإسلام ومخافة أن ينفر العرب إذا سمعت أن محمدًا صلى الله عليه وسلم يقتل من يظهر الإسلام. فقال أولًا إنه يترك المنافقين ما لم يجلحوا وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تركهم بالمدينة لذل، فالعلة في تركهم إذن ترك التجليح. ثم قال إن تركهم حياطة للإسلام، فعلى هذا إذا لم يحتج إلى حياطة الإسلام لقوته لزم أن يقاتلوا ويقتلوا وإن لم يجلحوا، وهذا مناقض لمذهبه، والقول الأول أحسن على مقتضى الآية لأنه تعالى قرن جهاد المنافقين بجهاد الكفار، وظاهره التسوية في ذلك. فما يجاهد به الكفار يجاهد به المنافقون وذلك السيف إلا أن يتقي في قتالهم شيء على الإسلام فيبقي عليهم ومن فرق بين جهاد وجهاد فقد خرج على الظاهر. وقد مضى ذكر أحكام المنافقين في سورة البقرة فقف عليه. وفي قوله تعالى:{ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب}[براءة: ٦٥] دليل على أن الجاد واللاعب في النطق بكلمة الكفر سواء ودليل على أن الاستهزاء بآيات الله تعالى كفر. قال أبو الحسن: وفي قوله تعالى: {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر}[براءة: ٧٤] دليل على أن توبة الزنديق مقبولة إذا لم يظهر الكفر لأن النبي صلى الله عليه وسلم استبقاهم وقنع بإنكارهم لما قالوه. والذي قالوه هو قول الجلاس بن سويد بن الصامت: إن كان ما جاء به محمد فنحن من الحمير، وقول عبد الله بن أبي:{لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل}[المنافقون: ٨].