والله ما أقدر أن أصبر إلا على ثلاث أكلات في النهار، ومتى لم أفعل ذلك غشيني بصري. فقال له:((أتطعم؟ )) قال: لا أجد إلا أن تعينني يا رسول الله بمعونة وصلاة -يريد الدعاء- فأعانه صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاع ودعا له. وقيل بثلاثين صاعًا. فكفر بالطعام وأمسك أهله. وألفاظ الحديث في الروايات مضطربة.
[(٢) - وقوله تعالى:{الذين يظاهرون منكم من نسائهم}]
حقيقة الظهار الذي ذكره الله تعالى هو أن يشبه الرجل امرأته بأمه في التحريم. وكانت العرب تكني عن ذلك بالظهر، فيقول: امرأته عليه كظهر أمه، ولذلك سمي الظهار لأنه مأخوذ من الظهر. وإنما خص الظهر دون البطن والفرج ونحو ذلك من الأعضاء لأنه موضع الركوب في الحيوان، والمرأة عند الغشيان مركوبة. فإذا قال أحد لامرأته ذلك باللفظ فإنما أراد أن ركوبها للغشيان عليه محرم كركوب أمه فكنى بالركوب عن النكاح، وهو استعارة بديعة. وكان الظهار في الجاهلية طلاقًا مؤبدًا وكذلك في أول الإسلام إلى أن نزلت هذه الآية. ولهذا جعلها بعضهم ناسخة، أي ناسخة لما تقرر في أول الإسلام، ولا معنى لقول من يقول إنها ناسخة لما كان في الجاهلية لأن ذلك ليس بنسخ لأنه لم يكن شرعًا، وهو مذكور عن ابن عباس، ذكره عنه مكي.
قوله تعالى:{ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم}:
رد الله تعالى بهذا على من كان يوقع الظهار ويعتقده حقيقة، وأخبر أن تصيير الزوجة أمًا باطل وأن الأم هي الوالدة، وأما الزوجة فلا تكون أمًا ولا يكون حكمها حكمها.