قوله تعالى:{والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن} إلى قوله: {وعلى الوارث}[البقرة: ٢٣٣].
قوله:{يرضعن أولادهن} خبر معناه الأمر. وقد اختلف فيما يلزم المرأة ذات الزوج من رضاع ولدها. فذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى أنه لا يلزمها ذلك على كل وجه، ويكون الأمر بالرضاعة في هذه الآية عندهما على الندب في جميع الوالدات. وذهب أبو ثور إلى أن ذلك يلزمها على كل وجه وذهب مالك رحمه الله إلى أن المرأة ما دامت في عصمة الزوج فالرضاع واجب عليها بقوله تعالى:{والوالدات يرضعن أولادهن} إلا أن تكون شريفة مثلها لا يرضع، فلا يلزمها ذلك، تخصيصًا لها من عموم الآية بما جاء في بعض الآثار من أن الشريفة لا ترضع ولدها. وإذا لم تكن الأم في عصمة الأب، فإن كان الأب قد مات فمذهب مالك المشهور أن الرضاع لازم للأم بخلاف النفقة أخذًا بظاهر عموم الآية. وقيل عنه رضاعه في بيت مال المسلمين وهذا القول مبني على مذهب مالك في المطلقة البائنة لأن حال الموت أشد من حال البينونة، فإذا كان الرضاع لا يلزمها هنالك ففي المرأة أحرى أن لا يلزمها، وأما إن كان طلقها وبانت منه فإن كان الزوج موسرًا فلا خلاف أعلمه أنه لا يلزمها الرضاع لقوله تعالى:{فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن} وإن كان معسرًا أو لا مال للابن لم يكن الابن يأتي غيرها فعن مالك فيه الروايتان إحداهما: أن الرضاع لازم لها.