لذينك الحدثين. ولم تكن إذا أصابها دم أو سلس أو غير ذلك مما ذكرنا تأتي بسببه الغائط فيما عرف. وأما ما خرج من بدن الإنسان من الأنجاس من غير المخرجين كالقيء والفصد والرعاف والدمل فلا وضوء فيه عند الجمهور، كما لا وضوء في الجشاء المتغير؛ لأن ذلك ليس من الغائط في شيء، والله تعالى إنما أمر بالوضوء من الغائط. وذهب أبو حنيفة إلى أن الوضوء واجب فيما سال من ذلك وكثر، فإن لم يسل فلا وضوء فيه، وهو قول ضعيف لما قدمناه.
[(٤٣) - وقوله تعالى:{أو لامستم النساء}]
وقرئ {أو لامستم} لفظ اللمس في اللغة مشترك، يقع على الجماع وعلى جس اليد والقبلة والمباشرة ونحو ذلك وعلى حسب اشتراطه اختلف العلماء في المراد بملامسة النساء في هذه الآية، فقيل: المراد بها جميع ما تقع عليه من جماع وقُبل وجس وغير ذلك، وهو قول مالك وأصحابه، وعلى هذا تكون القبل واللمس باليد وغيرهما مما سوى الجماع ناقضًا جميعه الوضوء على تقسيم في المذهب. ويجب معه التيمم للصلاة إذا عدم الماء. ويكون الجنب من أهل التيمم، وقيل: المراد بالملامسة هنا ما سوى الجماع مما ذكرنا، وعلى هذا القول يخرج الجنب من أهل التيمم، قالوا: ولا سبيل إلى التيمم. وإنما يغتسل الجنب أو يدع الصلاة حتى يجد الماء، وهو قول عمر وابن مسعود وغيرهما. وحكي عن ابن مسعود أنه رجع عن ذلك، ويحتجون أيضًا بقوله تعالى:{ولا جنبًا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا}، وبقوله تعالى:{وإن كنتم جنبًا فاطهروا}