إنما يجب امتثال أمره إذا أمر بطاعة. وإن أمر بمعصية لم يجب امتثال أمره على أنه قد اختلف في خلعه، وإن أمر بطاعة يحتمل أن يكون الظلم هنا ظلم المعصية، ويحتمل أن يكون ظلم الكفر. ويؤخذ من هذه الآية بالجملة أن الظالمين لا يجوز أن يكونوا محل من تقبل منهم أوامر الله.
(١٢٥) - قوله تعالى:{وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنًا}[البقرة: ١٢٥].
مثابة مفعلة من ثاب يثوب إذا رجع. وقيل من الثواب، وقرأ الأعمش ((مثابات)) على الجمع. وقال ورقة بن نوفل في الكعبة:
مثابًا لإفناء القبائل كلها ... تخب إليها اليعملات الطلامح
(١٢٥) - قوله:{وأمنا}[البقرة: ١٢٥].
جعله الله تعالى أمنًا لأنه يؤمن فيه، وكنى بالبيت عن الحرم فيحتج به في كون الحرم مأمنًا من موضع آخر، والأول أظهر، لقوله تعالى:{ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام}[البقرة: ١٩١] وقوله تعالى: {فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا}[البقرة: ٢٨] إلا أن معناه مأمن عن النهب والغارات، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:((أحلت لي ساعة من نهار، ثم هي حرام إلى يوم القيامة لا يقطع شجرها، ولا ينفر صيها، ولا تحل لقطتها إلا المنشد)) وروى أبو شريح الكعبي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى حرم مكة، ولم يحرمها الناس، فلا يسفكن فيها دم، وإن الله تعالى أحلها لي ساعة، لم يحلها