قيل: هو ظلم الكفر. وقيل: ظلم المعاصي، فإذا العهد بالإمامة والنبوءة والدين، فالظلم عام للمعاصي والمفر. وإن قلنا: إنه ظلم الكفر، فالمعنى بين لا كلام فيه. وإن قلنا: إنه ظلم المعصية فيؤخذ منه -على القول بأنه العهد النبوءة -أن المعجزة لا تظهر على يد فاسق ظالم وإن كات ذلك في العقل جائزًا لكن السمع بهذه الآية وغيرها منع من ذلك. ويؤخذ منه -على القول بأنه إمامة- أن الفاسق لا يصلح أن يقدم إمامًا. فإن ظهر من الإمام فسق بعد صحة إمامته فهل يجب خلعه أم ال؟ اختلف فيه، وإلى القول بخلعه ذهب جماعة من السلف، وبهذا التأويل خرج فيه ابن الزبير والحسين على يزيد بن معاوية، وخرج خيار أهل العراق وعلماؤهم على الحجاج، وأخرج أهل المدينة بني أمية عنهم، فكانت وقعة الحرة. وبهذه الآية وما كان في معناها تعلقت طائفة من المعتزلة وجماعة من الخوارج. وأما جماعة أهل السنة وأئمتهم، فرأوا أن الصبر على طاعة الإمام وإن كان جائزًا أولى لما في الخروج عليه من الفساد. وإذا أولنا العهد باحد سائر الوجوه الأخرى المذكورة فقال أبو محمد عبد الحق: فالظلم في الآية ظلم الكفر لأن العاصي المؤمن ينال الدين والأمان من عذاب الله وتلتزم طاعته إذا كان ذا أمر. وفي هذا كله نظر لأن العاصي المؤمن وإن نال الدين فالاقتداء به وقبول قوله لا يجب. وهو معنى الدين الذي فسر به العهد، فصيح أن لا يناله العاصي، وكذلك الأمان من عذاب الله، فإن العاصي لا يأمن العذاب لأنه تحت الوعيد لكن العفو الجائز عن الله تعالى إذا حصل صح له الأمان، فإن جعلنا الأخبار عن هذه الحالة فالظلم الكفر، وإن جعلناه عن الحالة قبل العفو صح أن يكون ظلم المعصية. وكذلك لزوم الطاعة، فإن الإمام الفاسق