المنافع بالإنسان. والرزق عند أهل السنة ما صح الانتفاع به. وقالت المعتزلة: كل ما صح تملكه والحرام ليس برزق، لأنه لا يصح تملكه، وكأنهم تأولوا ذلك على ظاهر هذه الآية، وليس كذلك بل دليل خطاب الآية أن الحرام رزق أيضًا؛ لأن تخصيصه الحلال من الرزق يدل على أن ثم منه حرامًا، فأمر تعالى بأكل الحلال، وسكت عن الحرام. وأقام بعضهم أن الحرام رزق من قوله تعالى:{كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور}[سبأ: ١٥]، قال: فذكر المغفرة مشيرًا إلى أن الرزق قد يكون حرامًا، وهذا استدلال ضعيف.
[(٨٩) - وقوله تعالى:{لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}]
قد بين تعالى في هذه الآية أن المؤاخذة المذكورة في آية البقرة هي المؤاخذة بالكفارة؛ لقوله تعالى:{ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته}[المائدة: ٨٩] الآية؛ لأنه تعالى إنما نفى اللغو ما أثبته لما عقدت به الأيمان. وقد اختلف العلماء في تحصيل اللغو وتحصيا ما عقدت به الأيمان اختلافًا كثيرًا، فروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: لما حرموا الطيبات من المآكل حلفوا على ذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وأبان أن الحلف لا يحرم شيئًا، فاللغو في الآية على هذا هو تحريم ما أحل الله تعالى، والمراد بقوله تعالى:{بما عقدتم الأيمان}، الأيمان التي حلفوا بها على ذلك التحريم، فجعل تعالى في الأيمان كفارة، ولم