الحكم تنبيه على أن تلك الصفة علة لذلك الحكم. وإذا كان ذلك علة فهم منه تحريم الإتيان في غير المأتي لأنها الأذى فيه دائمًا. ولا يجري في المستحاضة لأن ذلك عارض وليس بطبيعي، ولذ لك أجاز أكثر العلماء وطئ المستحاضة، ولم يجوزوه في مجرى الحيض، وإن كان قد كره وطأها النخعي، وابن سيرين وغيرهما. ورويت كراهة ذلك عن عائشة أيضًا. وقال ابن جبير لا يطأها إلا إن يطول ذلك بها والمحيض يحتمل أن يراد به الدم نفسه، ويحتمل أن يردي به موضع الدم كالمقيل والمبيت، إلا أن قوله تعالى:{هو أذى} يدل على أنه أراد به الدم، وإن كان يحتمل أن يريد: قل هو موضع، أذى فحذف المضاف.
(٢٢٢) - قوله:{فاعتزلوا النساء في المحيض}[البقرة: ٢٢٢].
اختلفوا في كيفية الاعتزال المأمور به على ثلاثة أقوال:
أحدها: اعتزال جميع بدنها أن يباشره بشيء من بدنه على ظاهر قوله تعالى لأنه أمر باعتزالهن عمومًا ولم يخص شيئًا دون شيء. وهذت إنما ذهب إليه من اتبع ظاهر القرآن، وجهل ما ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من الآثار، وقدم ظاهر القرآن على خبر الآحاد. وقد روي عن ابن عباس، وعبيدة السلماني نحو هذا أنه يجب أن يعتزل الرجل فراش وزجته إذا حاضت.
والثاني: إباحة ما فوق الأوزار واعتزال ما دونه لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لتشد عليها إزارها، ثم شأنك بأعلاها)) وعلى هذا جمهور