الميتة وطعام الغير فقيل: الميتة أولى، وقيل: الطعام أولى، وقيل: يخير.
وكذلك الخلاف إذا وجد الميتة، ولحم الصيد وقد صاده محرم فظاهر الآية أن الميتة هي المباحة له في هذه الأحوال، وهو قول مالك. وقال الشافعي: لحم الصيد أولى وإن لم يجد ميتة ووجد طعامًا لرجل وهو مضطر، فقالوا: إنه يأكل مه قياسًا على إباحة الميتة والدم ولحم الخنزير، واختلف هل يضمن أم لا؟ على قولين في المذهب، وحد هذا الاضطرار الذي يبيح أكل الميتة هو أن يخاف الهلاك على نفسه. قال الشافعي: أو مرضًا مخوفًا في نفسه، فإن كان مخوفًا لطوله وعسر علاجه ففيه لأصحابه وجهان، والآية محتملة.
(١٧٨) - قوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا كتب عليمن القصاص في القتلى الحر بالحر} الآية [البقرة: ١٧٨].
معنى قوله تعالى {كتب} فرض، وقيل: إخبار عما كتب في اللوح المحفوط، وسبق به القضاء. ومعنى فرض القصاص وجوب تنفيذه على الحاكم إذا طلبه ولي المقتول، ووجوب انقياد القاتل إلى ذلك، ووجوب انقياد الولي إليه. وألا يتعدى قاتله إلى غيره كما كانت العرب تتعدى وتقتل بقتيلها غيره من القبيلة. وليس معنى الفرض فيه أنه لازم لا يجوز سواه لأن العفو جائز باتفاق بدليل قوله تعالى:{فمن عفي له من أخيه شيء}[البقرة: ١٧٨] فهي الآية معرفة أن القصاص هو الغاية عند المشاحة، وأصل هذه اللفظة في اللغة من قص الأثر، ومنه قوله تعالى:{قصيه}[القصص: ١١]، وقول الشاعر:
كأن لها في الأرض نسيًا تقصه ... على أمها وإن تحدثك تبلت