ابن عباس. وقيل يعود على قوله:{إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئًا} وهذا مبني على الاختلاف في الضمير إذا تعقب شيئين. ويحتمل أن يعود على الأبعد منهما ويحتمل أن يعود على الأقرب منهما. فمنهم من يحمله على الأقرب وهو الأحسن ومنهم من يحمله على الأبعد، والأحسن في هذه الآية أن يعود على المستثنين. والذي يتحصل من الأحكام في هذه الآية أنه لا يجوز نقض عهد الكفار إلا بنقض ظاهر منهم أ, توقع نقض أو إيهام من مدة العهد مثل أن يقول أقركم ما أقركم الله كما عاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر ثم أجلاهم عمر رضي الله تعالى عنه ولا يجوز النقض بالاغتيال بل بإظهار نقض العهد إليهم.
ويؤخذ من قوله تعالى:{ولم يظاهروا عليكم أحدًا} أن أهل العهد من الكفار إذا ظاهروا قومًا من الأعداء فهو نقض سواء ظاهروا سرًا أو جهرًا.
ويؤخذ من قوله تعالى:{فسيحوا في الأرض أربعة أشهر} أن هذه المدة غاية الآجال في استيفاء الحقوق. وقوله تعالى:{براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين} يقتضي أن لا يبقى مشرك له عهد إلا وقد برئ الله منه بالعموم الظاهر. ولا يدخل في هذا العموم اليهود لأنه تعالى إنما برئ من عهد من كان على موادعة في الحرب وكفى عن القتال وهو عهد المشركين من العرب. وأما عهد اليهود فليس كذلك لأنه إنما كان عهد قهر وغلبة وصغار فتخصص بهذا المعنى. ويجوز أن يكون لفظ المشركين محتص بغير أهل الكتاب ويقتضي ذلك منع أخذ الجزية منهم.