للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يرد ما ذهب إليه أبو محمد، وإنما أراد أن الأنصار كانت تردد هذه اللفظة أكثر من غيرها فسماها لغة لها وحكى المهدوي عن قوم: أن هذه الآية على هذا التأويل ناسخة لفعل قد كان مباحًا، قال أبو محمد: ليس في هذه الآية شرط النسخ لأن الأول لم يكن شرعًا متقررًا ثم نقض ذلك عن قرب، فقال في قراءة من قرأ ((رَاعِنًا)) بالتنوين أن اليهود كانت تقوله، فنهى الله المؤمنين عن القول المباح سدًا للذريعة لئلا يتطرق اليهود مكنه إلى المحظور.

وقوله: ((فنهى المؤمنين عن القول المباح)) هو النسخ بعينه فلا معنى لإنكار ما ذكره المهدوي. وفي قراءة ابن مسعود ((راعونا)) وهي مخاطبة الجماعة من المراعاة، وكان اليهود يقولونها للنبي صلى الله عليه وسلم يظهرون أنهم يريدون إكباره، وهم يريدون في الباطن راعونا فاعولا من الرعونة، والقول فيها كالقول في راعنا. وقد استدل الفقهاء في هذه الآية على القول بسد الذرائع في الأحكام خلافًا للشافعي وأبي حنيفة في ترك الاعتبار بذلك، فمن ذلك ما كان من الشرع ظاهره الصحة ويتوصل به إلى استباحة الربا مثل أن يبيع الرجل سلة بمئة إلى أجل، ثم يبتاعها بخمسين نقدًا. وذلك حرام. وأجاز ذلك الشافعي وأبو حنيفة ومنعه مالك ومن تابعه لأنه يؤدي إلى إعطاء خمسين مثلًا في مئة، فرأوا أن ما جر إلى الحرام حرام، وتعلقوا بظاهر الآية المذكورة في منع المؤمنين من قول راعنا للنبي -عليه السلام-.

(١٠٦) - قوله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها} الآية [البقرة: ١٠٦].

النسخ لغوي وشرعي كالكلام في الصلاة الشرعية كما تقدم، وهو في اللغة على ثلاثة معان، يقع على النقل كنسخ الكتاب، وعن الرفع دون

<<  <  ج: ص:  >  >>