خلف، كقولهم: نسخت الرياح آثار الماشي، وعلى الرفع مع الخلف كقولهم: نسخت الشمس الظل.
واختلف في هذين الوجهين من النسخ هل هما في معنييهما حقيقة أو مجازًا؟ أو أحدهما حقيقة والآخر مجازًا؟ وهو في الشرع رفع الحكم الثابت بشرع متقدم بشرع متأخر عنه على وجه [لولاه] لكان ثابتًا مع تراخيه عنه. وإنما أخذ هذا النسخ الشرعي من أحد المعنيين الواقعين تحت الرفع. فأما النسخ بمعنى النقل فليس بداخل تحت الشرعي. وذهب شيخنا أبو بكر بن العربي، إلى أن نسخ الشيء إزالته لغة وشرعًا، وذكر منه نسخ الظل الشمس ونسخ الأثر الريح، وهذا بين. والإزالة والرفع في ذلك بمعنى واحد. قال: وكذلك نسخ الكتاب هو إزالته أيضًا لأنه كان منفردًا بما فيه، فلما كتب زال انفراده، فإنه أثبت بما كان فيه. وقول من يقول إن النقل فاسد، وقد وهم فيه القاضي، وإمام الحرمين ومن وراءهم، وما أصابه إلا الشيخ أبو الحسن. وهذا الذي قاله غير صحيح فإنه إن كان أزال انفراده فإنه أثبت مثله ولو ورد في الشرع مثل ذلك لكانت الآية المكررة على قوله نسخًا، وهذا لم يقله أحد وخلاف الجمهور لا يأتي بخير، وقد ثبت بهذه الآية صحة النسخ في الشريعة وحده ما ذكرته وتحيرت في فهمه عقول أقوام حتى أنكرته اليهود جملة، رأوا أنه يلزم عليه تغير علم الله وأنه يبدو له ما يبدو وهم في منعه على فرقتين؛ فرقة تنكره عقلًا، وأخرى تنكره شرعًا خاصة. وأجازه الروافض وارتكبوا البداء ونقلوا عن علي -رضي الله عنه- أنه كان لا يخبر بالغيب مخافة أن يبدو له فيغيره وربما احتجوا بقوله تعالى:{يمحو الله ما يشاء ويثبت}[الرعد: ٣٩].
وأجازه الفقهاء إلا أنهم لم يحصلوا على معنى الرفع لكلام الله