للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في كراء سكناه، فمنهم من رأى على الأب ذلك ومنهم من لم يره. وظاهر الآية على إيجابه على الأب.

قوله تعالى: {وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى}:

أي إن تشططت الأم على الأب في أجرة الرضاع فللزوج أن يسترضع لولده غيرها بما فيه رفقة. وقد اختلف قول مالك إذا وجد الأب من يرضعه باطلًا أو بدون ما يساوي رضاعه. فعنه أن من حق الأم أن ترضعه بأجر مثلها. وروى ابن وهب عنه أن الأم لم ترد أن ترضعه مجانًا أو بما وجد كان له أن يدفعه إلى من ترضعه له مجانًا أو بما وجد. ومعنى ذلك إذا أرضعته عند أمه ولم تخرجه من حضانتها. وهذا القول أشبه بقوله تعالى: {وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى}. وقد استدل بعضهم بقوله تعالى: {فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن} على أنها إذا رضيت أن ترضع بأجر مثلها لم يكن للأب أن يسترضع غيرها بدون الأجر ويلزم على هذا أن يتأول قوله تعالى: {وإن تعاسرتم} على أن الأم تطلق أكثر من أجر مثلها. وتدل هذه الآية أيضًا على أن الأم أولى بحضانة الولد. وتدل أيضًا على أن الأجرة إنما تستحق بالفراغ من العمل وإن احتمل أن يراد به غير ذلك.

(٧) - قوله تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته ونم قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرًا}:

خص تعالى بهذه الآية على الإنفاق على قدر اليسر والإعسار فدل أن النفقة مختلفة باختلاف الأحوال في ذلك وأن نفقة المعسر أقل من نفقة الموسر، خلافًا لأبي حنيفة فإنه اعتبر كفايتهما. وقد اختلف في التطليق على من يعجز على نفقة امرأته، فقال مالك والشافعي وغيرهما تطلق. وقال أصحاب الرأي وعمر بن عبد العزيز وغيرهم: لا يفرق بينهما. قال بعضهم: وقوله تعالى: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} فيه دليل على أنه لا يجوز التفريق لعجزه عن النفقة لأن الله تعالى لم يوجب النفقة في هذه الحالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>