وظاهر الآية يقتضي أن صيام الدهر مكروه لأن فاعل ذلك محرم على نفسه ما أحل الله تعالى له من أكل النهار وغيره من المباحات المفسدة للصوم. وقد اختلف فيمن حلف بصيام الدهر، فقال مالك يصوم ما عاش. وقال ابن القاسم يصوم سنة. وقال أشهب يصوم ستة أشهر. وقال ابن حنبل يصوم ثلاثة أيام من كل شهر. وقال الأوزاعي: لا شيء عليه لأن الله جل ثناؤه هو الدهر. وقال الشافعي وغيره من أهل العلم عليه كفارة يمين واكنوا يأخذون بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها: كل يمين وإن عظمت فكفارتها كفارة يمين ما لم يكن فيه عتق أو طلاق. وكان مالك رحمه الله تعالى رأى أن الصوم وإن كان مكروهًا لظاهر الآية فإنه من ألزم نفسه شيئًا لزمه لقوله تعالى:{أوفوا بالعقود}[المائدة: ١].
[(٢) -قوله تعالى:{قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم}]
اختلف في تأويله. فقال قوم هذه إشارة إلى تكفير اليمين المقترنة بالتحريم: والله لا أطأها أبدًا. وقال آخرون هي إشارة إلى حلفه عليه الصلاة والسلام أن لا يدخل على نسائه شهرًا فأمره الله تعالى بكفارة الإيلاء وأحال بقوله تعالى في هذه الآية:{تحلة أيمانكم} على الآية التي في كفارة اليمين لله تعالى.
(٣) -قوله تعالى:{وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثًا}:
اختلف في معناه: فقال الجمهور: هو إشارة إلى أمر مارية. وقال آخرون بل إلى قوله إنما شربت عسلًا. وقال ميمون بن مهران الحديث الذي أسره إلى حفصة أنه قال:(أبشري فإن أبا بكر وعمر يملكان أمر أمتي من بعد خلافتي)).