لهذا القول حديث عائشة أن الآية نزلت في شرب العسل ولم يذكر في ذلك كفارة. وحجة من أجب الكفارة حديث زيد ابن أسلم في تحريم الجارية. قال بعض رواته: كفَّر النبي صلى الله عليه وسلم من أجل التحريم وأصاب جاريته. قال جماعة فمن ذهب إلى هذا لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم:((والله لا أطأها)). قال إسماعيل بن إسحاق: الحكم في ذلك واحد لأن الأمة لا يكون فيها طلاق فتطلق بالتحريم فكان تحريمها كتحريم ما يؤكل ويشرب. ولعل القصتين قد كانتا جميعًا في وقتين مختلفين غير أن أمر الجارية في هذه أشبه لقوله تعالى:{تبتغي مرضات أزواجك} ولقوله تعالى: {وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثًا} فكان ذلك في الأمة أشبه لأن الرجل يغشى أمته في ستر ولا يشرب العسل في ستر ولأن تحريم الأمة فيه مرضاة لهن. وقد اختلف في تكفير النبي صلى الله عليه وسلم. فقال بعضهم: حرم فأمر بالكفارة. وقال بعضهم: حرم وحلف فلذلك أمر بالكفارة، وقد يمكن أن يكون حرمها وحلف وقد زعم بعض من رأى تحريم الأمة كفارة يمين أو الزوجة مثل الأمة في ذلك وأن من حرم زوجته فعليه كفارة وزعم أيضًا بعض من لا يرى في الأمة كفارة أنه لا كفارة أيضًا في تحريم الزوجة ولا يلزم فيه شيء كما لا يلزم في الأمة ولا غيرها. قالوا إنما عاتب الله نبيه صلى الله عليه وسلم وذلك على تحلة اليمين المبينة في المائدة لقوله:((قد حرمتها والله لا أطأها أبدًا)). وقال مسروق: ما أبالي أحرمتها يعني الزوجة أو قصعة من ثريد. كذلك قال الشعبي: ليس التحريم بشيء قال تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام}[النحل: ١١٦] وقال: {لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم}[المائدة: ٨٧] محرم زوجته مسمى حرامًا ما جعله الله تعالى حلالًا. ومحرم ما أحل الله تعالى له. وقد مر الكلام على هذه المسألة وتحصيل الخلاف فيها مستوعبًا فلا معنى لإعادته.