تجوز مهادنتهم السنة والسنتين والثلاث وإلى غير مدة. وهذا القول أليق بظاهر الآية إذا قلنا بأنها محكمة. واختلفوا هل يعقد الهدنة غير الإمام أم لا يعقدها إلى الإمام. والجمهور على أنه لا يعقدها إلا الإمام. وذهب الطبري إلى أنه يجوز أن يعقد بغير إذن الإمام. والدليل على فساد هذا القول أن هذا من مصالح المسلمين فلا بد من نظر الإمام فيه وقد قال تعالى:{وإن جنحوا للسلم فاجنح لها} الآية، فلم يخاطب بذلك إلا النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقصر تعالى الخطاب عليه إلا من أجل أن ذلك ليس لغيره وأن يعلم أن النظر في ذلك إنما هو للأئمة.
[(٦٥) - (٦٧) - قوله تعالى:{يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال} إلى قوله تعالى: {ما كان لنبي}]
اختلف في قوله تعالى:{إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} هل هو منسوخ أم محكم. فذهب الجمهور إلى أنه منسوخ وقالوا قد كان واجبًا به ألا يفر المسلمون عن عشرة أمثالهم ثم نسخ بقوله تعالى:{الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين} فأجاز للمسلمين أن يفروا عن أكثر من ضعفهم.
وذهب قوم إلى أن هذا ليس بنسخ وقالوا لم يكن قط واجبًا أن لا يفر المسلمون من عسرة أمثالهم وإنما ذكر الله تعالى ذلك على جهة الندب للمسلمين أن يفعلوه ثم بين تعالى بالآية بعدها الواجب في ذلك، والآية الأولى إلى آخر الأبد مندوب إلى حكمها والقولان مرويان عن ابن عباس وقد اختلف الأصوليون هل يجوز نسخ الأثقل بالأخف أم لا. وهذه الآية حجة لمن أجازه على القول بالنسخ فيها.