فقهاء الأمصار، وهو مذهب مالك، وجمهور أصحابه المتقدمين والمتأخرين من البغداديين وإليه ذهب أبو حنيفة اتباعًا لما فسر به النبي صلى الله عليه وسلم الآية من أن يشد الرجل إزار الحائض، ثم شأنه بأعلاها.
والثالث: إباحة كل شيء منها ما عدا الفرج [اتباعًا لعائشة -رضي الله عنها- لما سألها عن ذلك كل شيء له منها حلال ما عدا الفرج] وهو الصحيح من مذهب السافعي وإليه ذهب أصبغ. ورأى أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم إنما جاء حماية للذرائع لئلا يجامعها في الفرج. وهو قول مجاهد. ويحتمل أن يتأول المحيض في الآية على أنه موضع المحيض، فيكون حجة لهذا القول. وحجة مالك ومن تابعه ظاهر الآية والحديث الصحيح.
(٢٢٢) - وقوله تعالى:{ولا تقربوهن حتى يطهرن}[البقرة: ٢٢٢].
وقرئ ((يَطَّهَّرْنَ)) وفي مصحف أبي بن كعب ((يتطهرن)) وفي مصحف أنس: ((ولا تقربوا النساء في محيضهن واعتزلوهن حتى يطهرن)) وقد اختلف في الطهر الذي يحل الوظء فيه ما هو؟ فقال مالك والنخعي، والحسن، ومكحول، وسليمان بن يسار، وعكرمة، ومجاهد، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. والحجة لهذا القول في الآية قوله تعالى:{فإذا تطهرن} فأضاف الفعل إليهن، ولا يجوز أن يعود إلى انقطاع الدم لأنه فعلٌ لهن في قطعه فعلم أنه أراد التطهير بالماء، ألا ترى أنه تعالى أثنى على من فعل ذلك بقوله:{يحب التوابين ويحب المتطهرين}[البقرة: ٢٢٢] والثناء لا يقع إلا على فعل يقع من جهتهم. فتقدير الآية: ولا تقربوهن حتى يتطهرن.
وهذا كقوله: لا تعط زيد شيئًا حتى يدخل الدار فإذا دخل الدار وقعد