والقول الأول على ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته ثاني يوم الفتح. والثاني على ما قاله صلى الله عليه وسلم أيضًا، فإنه قال في ((الصحيح)): ((اللهم إن إبراهيم حرم مكة، وأنا حرمت المدينة ما بين لابتيها حرام)) ويجمع بين الحدثين بأن يقال في الثاني أن إبراهيم جدد تحريم مكة وأظهره بعد دثوره. وكذلك اختلف فيمن بناه؟ فقيل: آدم، ثم دثر فرفع قواعده إبراهيم. وقيل: إبراهيم ابتدأ بناءه، وقيل غير ذلك. وقد نص الله تعالى على أن إسماعيل رفعه مع إبراهيم. وذكر عن علي -رضي الله عنه- أن إبراهيم رفعه وإسماعيل طفل صغير، ولا ينبغي أن يصح هذا عن علي، لأن الآية ترده.
(١٢٨) - قوله تعالى:{وتب علينا}[البقرة: ١٢٨].
اختلف في معنى طلب إبراهيم وإسماعيل التوبة وهم معصومون فقيل: طلب الدوام والتثبيت، وقيل: أراد من بعدهما من ذريتهما، وقيل: أراد أن يسنا ويعلما أن تلك المواضع مكان التخلي من الذنوب، وطلب التوبة.
وقال الطبري: ليس أحد من خلق الله إلا وبينه وبين الله عصمة الأنبياء في معنى التبليغومن الكبائر ومن الصغائر التي فيها زذيلة. واختلف في غير ذلك من الضغائر. والذي أقول به أنهم معصومون من الجميع. وقول النبي صلى الله عليه وسلم:((إني أتوب إلى الله تعالى في اليوم وأستغفره سبعين مرة)) إنما هو رجوعه من حالة إلى أرفع منها، لمزيد علمه واطلاعه على أمر الله، فهو يتوب من المنزلة الأولى إلى الأخرى، والتوبة هنا لغوية شرعية.