أنه إذا كانت الغاية معلومة مثل قوله:{ثم أتموا الصيام إلى}[البقرة: ١٨٧] أنه يكون نسخًا، فإن كانت مجهولة، كقوله تعالى:{حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلًا}[النساء: ١٥] فاختلف فيه هل هو نسخ أم لا؟ وعلى هذا الخلاف يترتب الخلاف في نسخ هذه الآية. وقد اختلف فيها فذهب قوم إلى أنها غير منسوخة، لأن الأمر بالعفو والصفح مؤقت بوقت لقوله تعالى:{حتى يأتي اله بأمره}[البقرة: ١٠٩] فلا يتصور النسخ، وهذا على أحد القولين في أن الأمر المنتظر فرض القتال، وقتل بني قريظة وإجلاء بني النضير. وذهب آخرون إلى أنها منسوخة، وهذا القول يترتب على تفسير الأمر بأنه آجال بني آدم ولذلك قال أبو عبيدة إن هذه الآية منسوخة بالقتال، لأن كل آية فيها ترك القتال فهي مكية منسوخة.
وحكمها بأن هذه الآية مكية ضعيف لأن معاندة اليهود إنما كانت بالمدينة والذين ذهبوا إلى نسخها اختلفوا في الناسخ، فقال ابن عباس هو قوله تعالى:{قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} إلى قوله {صاغرون}[التوبة: ٢٩] وقيل: نسخها قول الله تعالى: {فاقتلوا المشركين}[التوبة: ٥].
قوله تعالى:{قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}[البقرة: ١١١] فقد أنكر قوم النظر وزعموا أنه لا يؤدي إلى علم، وحصروا مدارك العلوم في الحواس، وهذا قول فاسد عقلًا وشرعًا، وقد قال الطبري: طلب الدليل في هذه الآية يقضي بإثباته ويرد على من ينفيه.
(١١٤) - قوله تعالى:{ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه} الآية [البقرة: ١١٤].