بنوا الصدقات للحديث المروي عن عمر أنه سأل كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقيل له أربعة أشهر أو ستة أشهر. فكان لا يبعث بعثًا في الغزو لأكثر من ذلك نظرًا للزوجات. وقال بعض الفقهاء إلى أن يضرب في ذلك أربعة أشهر استحسانًا لقوله تعالى:{للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر} قالوا فألزم الله تعالى المولي عند انقضاء الأربعة أشهر أن يفيء أو يطلق، ولم يجعل للزوجة قيامًا قبلها. وقد روي في حديث علي -رضي الله عنه- أنه لما سأل النساء ذكرن له أربعة أشهر ذكره اللخمي.
(٢٢٦) - وقوله تعالى:{فإن فاءوا}[البقرة: ٢٢٦].
اختلف العلماء في تأويله، فقال قوم إلى أن معناه فإن فاؤوا فيهن أي في الأربعة أشهر. وقرأ أبي بن كعب ((فإن فاؤوا فيهن)) وروي عنه: ((فإن فاؤوا فيها)) وذهب قوم إلى أن تقديره فإن فاؤوا بعدهن وعلى هذين التأويلين جاء اختلافهم في حكم المولي بعد انقضاء أجل الإيلاء، فذهب مالك في المشهور عنه وجميع أصحابه إلى أنه لا يقع عليه طلاق، وإن مرت به سنة حتى يوقف فإما فاء وإما طلق. وروي هذا القول عن علي، وعمر وابن عمر، وعثمان، وعائشة وأبي الدرداء، وهو مذهب أهل المدينة. وقول الشافعي وأبو ثور، وأبي عبد الرحمن، وأحمد بن حنبل، إسحاق بن راهويه لأن المعنى عندهم فإن فاؤوا بعد الأربعة أشهر. ذهب مالك أيضًا فيما روي عنه إلى أن الفيء في الأربعة أشهر توسعة، فإذا انقضت طلقت عليه ولم يؤمر بالفيئة بعدها. وهذا قول ابن شبرمة،