وقد تقدم ذكره ومذهب مالك وأكثر أصحابه، وغيرهم أن ذلك من سنن الحج، وليس من واجباته ورأوا أن الآية لا تدل على الوجوب.
واختلفوا فيمن مربها فلم ينزل، فرأى مالك عليه دمًا، وإن نزل، ثم دفع بعد النزول فلا دم عليه، وإن كان دفعه أول النهار أو وسطه أو آخره.
ورأى الشافعي إن خرج منها قبل نصف الليل فعليه دم، وإن كان بعد نصف الليل فلا شيء عليه. وقال أبو حنيفة وأصحابه وغيرهم إن لم يبت بها، ولم يقف بالمشعر الحرام إهراق دمًا.
(١٩٩) - وقوله تعالى:{ثم أفيضوا من حيق أفاض الناس}[البقرة: ١٩٩].
اختلفوا في المخاطبين بهذه الآية، أجميع الأمة هم أم الحُمُس؟ فقال ابن عباس، وعائشة، وعطاء، ومجاهد، وغيرهم المخاطب بها قريش ومن ولدت وهم الحمس، وذلك أنهم كانوا يقولون نحن قطين الله فينبغي لنا أن نعظم الحرم، ولا نعظم شيئًا من الحل. فسنوا سنن الثياب في الطواف إلى غير ذلك. وكانوا مع معرفته وإقرارهم أن عرفة هي موقف إبراهيم لا يحرمون من الرحم ويقفون بجمع ويفيضون منه، ويقف الناس بعرفة فقبل أن يفيضوا مع الناس وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحمس. ولكنه كان يقف مذ كان يعرفة هداية من الله له. والناس على هذا التأويل من سوى الحمس. وقال الضحاك: المخاطب بها جملة الآمة والمراد بها إبراهيم -عليه السلام- كما قال الله تعالى:{الذين قال لهم الناس}[آل عمران: ١٧٣] وهو يريد واحدًا، وهذا الواحد هو نعيم بن مسعود الأشجعي، وكان بعث به سفبان يخوف المسلمين بجمعهم، ويحتمل بهذا أن يؤمروا بالإفاضة من عرفة،