أوجب الكفارة بالعودة لما كان ممنوعًا منه بالظهار وهو الوطء. وأما العصمة فلم يكن ممنوعًا منها بالظهار ولا منفصلًا عنها. الخامس أن العودة أن يعودوا فيتكلم بالظهار ثانية، وهو مذهب أهل الظاهر، وروي نحوه عن ابن بكير بن الأشج، وهو أضعف الأقاويل لأنهم لا يرون الظهار يوجب من أول مرة حكمًا وإنما يرونه موجبًا حكمًا على تأويلهم في مرة أخرى. وهذا فاسد لأنه إذا لم يوجبه أولًا فلم يوجبه ثانيًا، وأي فرق بين الأولى والثانية. وأيضًا فإن سبب الآية لم يأت فيمن ظاهر مرة ثانية ولا ذكر أحد من الرواة، وإنما معنى قوله تعالى:{ثم يعودون لما قالوا} أي في تحريم ما حرموا على أنفسهم وهو الوطء فيفعلونه أو يعزمون على فعله. واختلف في معنى اللام في قوله:{لما قالوا} فيحتمل أن يكون بمعنى: في أي فيما قالوا. وقيل المعنى: من أجل ما قالوا. وقال الفراء معناه: عن ما قالوا. قال: والمعنى ثم يرجعون عن ما قالوا ويريدون الوطء. وقيل هي على بابها والمعنى: ثم يعودون لقولهم. والقول بمعنى المقول، فالمعنى ثم يعودون لوطء للمقول فيها الظهار.
[(٣) - وقوله تعالى:{فتحرير رقبة}]
أقبت تعالى أن الكفارة تجب بالعودة وجعها ثلاثة أنواع لا ينتقل عن نوع منها حتى يعدم الآخر. فأولها عتق، ثم صيام، ثم إطعام. فقال أولًا:{فتحرير رقبة}، ثم قال:{فمن لم يجد فصيام شهرين}، ثم قال:{فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا}. وكذلك في حديث أوس وسلمة وهي مطلقة لم تقيد بمؤمنة، وهي في كفارة قتل الخطأ مقيدة بمؤمنة. فحمل