ذكر أبو بكر الرازي من أصحاب أبي حنيفة أن ذلك يدل على أن الشرب من النهر إنما هو الكرع فيه ووضع الشفة عليه لأنه كان حظر الشرب فيه إلا من اغترف غرفة بيده، وهذا يدل على أن الاغتراف ليس بشرب وهو تصحيح لقول أبي حنيفة فيمن قال إن شربت من ماء الفرت فعبدي حر أنه محمول على أن يكرع فيه، وأنه إذا اغترف منه أو شرب بإناه فإنه لا يحنث. وهذا بعيد لأن الله تعالى إنما أراد من شرب [من] ماءه وأكثر فقد عصى، ومن اغترف غرفة بيده فأقنعه لم يكن عاصيًا فهجموا على النهر بعد عطش شديد، فوقع أكثرهم في النهر وأكثروا الشرب منه. فبان بذلك ضعف نيتهم وأنهم يجبنون على لقاء العدو، وأطاع قوم قليل عددهم، فلم يزيدوا على الاغتراف، فبان صبرهم وامتثالهم للأمر، وهو استثناء متصل، وعلى ما قالوه هو استثناء منقطع، وحمله على الاتصال أولى ما أمكن. وهذا الذي ذكره أبو الحسن رحمه الله في الاستثناء إنما هو إذا رد الاستثناء إلى قوله تعالى:{فمن شرب منه فليس مني} وأما إ، رد إلى قوله:{ومن لم يطعمه فإنه مني} فلا يكون إلا منفصلًا. وقد استدل بعضهن بقوله:{ومن لم يطعمه} أن الماء طعام لا يصح بيعه إلا بما يصح