يعني بقوله:{بأنفسهم} أي بإخوانهم. وفي هذه الآية دليل على أن لا يحكم بالظن وأن من عرف بالصلاح لا يعدل لخبر محتمل. وفيه أيضًا دليل على أن القاذف مكذب شرعًا إلا أن يأتي بأربعة شهداء. وأما أمر عائشة رضي الله تعالى عنها فيقطع على التكذيب بقذفها في الغيب وإن لم يقطع في حق غيرها بذلك. وقال أبو الحسن: وقد قال علماؤنا من صدق قذفة عائشة فهو كافر لأنه راد لخبر الله تعالى الدال على كذبهم. وعلى هذا قال أصحابنا قيمن وجد مع امرأة رجلًا فاعترافا بالنكاح أنه لا يجوز تكذيبهما ويجب تصديقهما. وقال مالك يحدان ما لم يقيما بينة على النكاح يخالف به ظاهر هذه الآية، وعليه بني أبو حنيفة جواز دينار درهم بدينارين ودرهمين تحسينًا للظن بالمؤمنين. وقال الشافعي قريبًا منه فيمن أوصى بطبل وله طبلان طبل لهو وطبل حرب أنه يحمل على طبل الحرب تحسينًا للظن بالمؤمنين وحمل أمورهم على ما يجوز.
[(٢٢)، (٢٣) - قوله تعالى:{ولا يأتل أولوا الفضل منكم ... والسعة} إلى قوله تعالى: {إن الذين يرمون المحصنات}]
نزلت هذ الآية على مشهور الروايات في قصة أبي بكر الصديق ومسطح بن أثاثة ابن بنت خالته وكان أبو بكر ينفق عليه فلما وقع أمر الإفك وقال فيه مسطح ما قال حلف أبو بكر أن لا ينفق عليه. واعتذر إليه مسطح وقال: كنت أغشى مجلس حسان فأسمع ولا أقول. فقال: لقد