(١٨٩) - وقوله تعالى:{وتدلوا بها إلى الحكام}[البقرة: ١٨٩].
قال قوم أي تسارعوا في الأموال إلى الخصومة إذا علمتم أن الحجة تقوم لكم، إما بأن لا يكون على الجاحد بينة أو يكون مال أمانة كمال اليتيم ونحوه مما يكون القول فيه قوله. وقال قوم: المعنى لا ترا شوابها على أكل أكثر منها. وفي هذه الآية إن الله حرم أكل الحرام، وإن قضى به قاض على ما ظهر له حق لقوة حجة الظالم باحتياله عليه، وسيأتي الكلام على هذه المسألة في غير هذه السورة. وفي مصحف أبي:((ولا تدلوا بها)).
(١٨٩) - قوله تعالى:{يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج} إلى قوله: {وقاتلوا في سبيل الله}.
قال ابن عباس، وقتادة، والربيع، وغيرهم: نزلت على سؤال قوم من المسلمين النبي صلى الله عليه وسلم عن الهلال، وما فائدة محاقه، وكماله ومخالفته محال الشمس؟ وقوله:{مواقيت} يعني لقضاء الديون، وانقضاء العدد والأكرية والصوم والفطر، وما أشبه ذلك من مصلاح العباد. ومواقيت الحج أيضًا يعرف بها وقته وأشهره. وقال [أبو] الحسن: استدل بعض الحنفية بهذه الآية أن شهور السنة كلها مواقيت للحج كما كانت بأسرها مواقيت للناس، فلزمهم أن يكون الحج المطلق على خذا القول يراد به الإحرام فقط، دون سائر أفعال الحج مع أن الإحرام عندهم ليس من الحج، بل هو شرط الحج. فقيل لهم: فقد قال الله تعالى: {الحج أشهر معلومات}[البقرة: ١٩٧] فأجابوا بأن المراد بذلك أفعال الحج من السعي والطواف وغيره.
قال: والصحيح من التأويل أن المراد بالآية {قل هي مواقيت للناس والحج} والحج في أشهر الحج. وهذا الذي قاله معترض أيضًا بأنه يقصر الحج