فحد واحد، وإن كان قذف هذا ثم هذا كان لكل واحد منهم حد. وذكره بعضهم عن مالك رحمه الله تعالى. وقال عروة بن الزبير وغيره إن جاؤوا جميعًا حدوا حدًا واحدًا وإن جاؤوا مفترقين حد لكل واحد منهم، وهو قول المغيرة فيمن قذف أناسًا في أوقات شتى، واستدل بعضهم من الآية على تصحيح القول الأول بأن قال قاذف المحصنة قاذف لها وللذي زان بها ولم يوجب الله تعالى عليه إلا حدًا واحدًا مع قوله أيضًا:{والذين يرمون المحصنات} وهي جماعة. واختلف في القذف هل يتعلق به حق الله تعالى أم لا على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يتعلق به فلا يجوز فيه العفو بلغ الإمام أو لم يبلغه وهو مذهب أبي حنيفة، وعليه تدل رواية أشهب عن مالك. ويأتي على هذا أن حد القذف يقيمه الإمام إذا انتهى إليه، رفعه إليه صاحبه أو أجنبي. والثاني: أنه لا يتعلق به حق الله ولصاحبه أن يعفو بلغ الإمام أو لم يبلغه وهو أحد قولي مالك وقول الشافعي. والثالث: أنه حق لصاحبه ما لم يبلغ الإمام فإذا بلغ الأمام صار حقًا لله تعالى، وهو أحد قولي مالك. وحجة القول بأن لله تعالى فيه حقًا أنهم قد اتفقوا على أن الزنا من حقوق الله لا يجوز فيه العفو فقسنا عليه القذف لأن الله تعالى قال:{والذين يرمون المحصنات} وقال: {الزانية والزاني} فوجب إجراء الأمرين على الظاهر لأنه لم يشترط العفو. وفي هذا حدة أخرى أن المخاطبة بالجلد إنما هي للولاة فذلك يدل على أن لله تعالى فيه حقًا ولا يجوز فيه العفو.
[(٤) - قوله تعالى:{ثم لم يأتوا بأربعة شهداء}]
شدد الله تعالى بها على القاذف سترًا على عباده وزجرًا عن أذاهم. وحكم هذه الشهادة التي ذكرها الله تعالى هي أن تكون على معاملة بالغة