للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضهم: السحت هنا الحرام، وأصله في اللغة الاستئصال من قولهم: أسحته الله أي استأصله، وهو راجع إلى معنى الهلاك. وكذلك الحرام مهلك أهله، فأخذ الرشوة من هذا، وكذلك الهدية على الحكم، فإن الحاكم يجب عليه إظهار الحق، ففما أخذ عليه فهو رشوة، ومن أجل هذا منع الشافعي الصلح على الإنكار؛ لأن الذي ينكر إذا جعل القول قوله، فكأنه بما بذله من المال يدفع الظلم عن نفسه فهو كالرشوة في فعل واجب أو رفع ظلم. ومن هذا القبيل من يستشفع به إلى السلطان يتقي شره فيدفع إليه على ذلك رشوة، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي.

[(٤٢) - وقوله تعالى: {فاحكم بينهم أو أعرض عنهم}]

اختلف في هذه الآية، هل هي محكمة أو منسوخة؟ فذهب قوم إلى أنها محكمة، وأن الإمام مخير في الحكم بينهم إذا تحاكموا إليه، وهو قول مالك والمشهور من قول الشافعي. وذهب قوم إلى أنها منسوخة وأنه يحرم ترك الحك بينهم، وأن الإمام لا يكون مخيرًا في ذلك. والناسخ قوله تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله}، وقوله: {فاحكم بينهم بما أنزل الله} [المائدة: ٤٨]، وأنه لا يجوز للإمام ردهم إلى حكامهم إذا حكموه، وإنما كان ذلك التخيير في أول الإسلام ليكون

<<  <  ج: ص:  >  >>