للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك أدعى لقلوبهم وأقرب، ثم نسح بما ذكرناه. وقد قال عمر بن عبد العزيز والزهري والشافعي في أحد قوليه في معنى قوله تعالى: {حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} [التوبة: ٢٩]، إنه إن تجري عليهم أحكام المسلمين فيجب أن لا يردوا إلى حكامهم. وهذا القول في الآية بعيد؛ لأن النسخ حكم مبتدأ لا يكون معطوفًا على ما قبله، فعطف هاتين الآيتين على آية التخيير يدل على أنهما غير ناسختين لآية التخيير.

والذين ذهبوا إلى القول الأول اختلفوا في تأويل الآيتين اللتين ذكر أنهما ناسختان. فقيل: إن قوله تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله}، وقوله: {فاحكم بينهم بما أنزل الله}، معناه: فيما يتظالمون به بينهم. وقيلك إن المراد أن احكم بينهم إن حكمت، فهي على ما توجبه الآية الأخرى من التخيير. وقيل: إن الآية الأولى تضمنت التخيير في الحكم، وأنه عليه الصلاة والسلام إن اختار الحكم حكم بينهم بحكم التوراة، وهو المراد بقوله: {فاحكم بينهم بالقسط} [المائدة: ٤٢]، وبقوله تعالى: {وأن احكم بينهم بالقسط} [المائدة: ٤٩]-أي في التوراة- إن حكمت، ثم نسخ ما فيها من الحكم بالتوراة يقوله عز وجل: {فاحكم بينهم بما أنزل الله} [المائدة: ٤٨]، معناه: بما أنزل الله عليك في

<<  <  ج: ص:  >  >>