القرآن إن حكمت. قالوا: فالآية ناسخة للحكم بالتوراة لا للتخيير في الحكم؛ إذ قد أجمع أهل العلم على أنه لا يجوز الحكم بينهم إلا بما في القرآن. وقال أبو الحسن: يحتمل أن يكون آية الإعراض عنهم قبل ضرب الجزية عليهم؛ لأنهم لم يكونوا حينئذ داخلين في حكم الإسلام، وإنما كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم هدنة في أن لا يتعرض لهم ولا يؤخذون بشيء من أحكام الإسلام أمرنا بالحكم بينهم، فيكون حكم الآيتين جميعًا حكمًا ثابتًا غير منسوخ، ففرق بين أهل العهد والذمة. والأصح أنهما سواء، فيتحصل من هذا أن ما تظالموا فيه، متفق على أن الإمام يحكم بينهم فيه، وإن لم يحكموه، ويكف بعضهم عن بعض، ويكف غيرهم أيضًا عنهم؛ لأنهم إنما بذلوا الجزية على ذلك، فهو من الوفاء لهم، ولا خلاف في ذلك بين أحد من أهل العلم، وأن ما سوى ذلك من الأحكام إذا تحاكموا إلينا فيه، ففيه قولان، أحدهما: التخيير في الحكم. والثاني: إيجاب الحكم. وإذا لم يتحاكموا إلينا بدليل أنه لا يحكم علهم في الحدود شاؤوا أو أبوا وإن لم يحكمونا ولا رضوا بحكمنا، وهذا القول ترده آية التخيير على ما قدمنا. ففي الحدود التي يجب على الإمام أن يحكم فيها بين المسلمين، وإن لم