للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٩٦) - وقوله تعالى: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} [البقرة: ١٩٦].

اختلف أهل اللغة في لفظ ((أحصر)) فذهب أكثرهم إلى أنه يقال أحصر بالمرض، وحصر بالعدو وهي أصح اللغات، وذهب بعضهم إلى أنه بعكس ذلك حصر المرض وأحصر العدو. وذهب الفراء إلى أنهما بمعنى واحد في المرض والعدو، وعلى حسب اختلاف أهلالغة في الآية، فذهب بعضهم إلى أن معناها إن حبسكم خوف عدو أو مرض أو وجه من وجوه المنع. وإلى هذا ذهب مجاهد وقتادة وغيرهما. وروي عن ابن عباس. وذهب ابن عباس في رواية أخرى عنه إلى أن المعنى إن أحصر أحدكم بعدو ولا بمرض. وذهب مجاهد في رواية أخرى عنه أيضًا، وعلقمة، وعروة بن الزبير وغيرهما إلى أن الآية فيمن أحصر بالمرض لا بالعدو. وقال المهدوي: وهو قول مالك. وإلى نحو القول الأول ذهب أبو حنيفة، والشافعي في أحد قوليه، فرأيا أن المرض والعدو بمنزلة واحدة استدلالًا بقوله تعالى: {فإن أحصرتم} فالمحصر على هذا بعدو أو مرض التحلل حيث أحصر، وليس عليه التحلل لعمرة. وأما مالك رحمه الله فرأى أن المحصر بعدو يحل حيث أحصر، وأن المحصر بمرض لا يحل حتى يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، وهو عمل العمرة وعليه القضاء إذا فاته الحج، وهو مذهب عبد الله بن عمر، وقد نسب إلى الشافعي.

ورأى أن المريض داخل تحت قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} وتقدير قوله تعالى: {فإن أحصرتم فمااستيسر من الهدي} على هذا القول، فإن أحصرتم وفاتكم الحج، وحللتم بعمرة وتقديره على قول أبي حنيفة فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>