يقضيهما؟ أم يخرج بالفساد؟ فذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يمضي في سائر حجه وعمرته، ثم يقضي بعد ذلك. وذهب داود إلى أنه يخرج منهما بالفساد. ودليل ما ذهب إليه الجمهور:{وأتموا الحج والعمرة لله} وهذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب، ولم يفرق بين الصحة والفساد. واختلفوا في القارن إذا خاف فوات الوقوف بعرفة هل له رفض العمرة أم لا؟ فذهب الأكثر إلى أنه ليس له ذلك. وذهب أبو حنيفة إلى أن ذلك له، وحجة القول الأول قوله تعالى:{وأتموا الحج والعمرة لله} واختلفوا في المعتمرة إذا حاضت قبل الطواف، وضاق عليها وقت الحج فقال مالك، تردف الحج، ولا ترفض عمرتها، وتصير قارنة. وقال أبو حنيفة: تكون قد رفضت عمرتها والدليل على أبي حنيفة أنها قد عقدت عمرتها فمن زعم أن لها أن ترفضها أو تكون رافضة فعليه الدليل. وقد قال الله عز وجل:{وأتموا الحج والعمرة لله} وقال تعالى: {أوفوا بالعقود}[المائدة: ١].
واختلف في العبد والصبي يحرمان بالحج، ثم يحتلم الصبي ويعتق العبد قبل الوقوف، فقال مالك: لا سبيل إلى رفض الإحرام، وحجة مالك رحمه الله إن كان من دخل في حج أو عمرة ويتماديان عليه ولا يجزيهما عن حجة الإسلام وقال الشافعي: يمضيان ولا يجزيهما عن حجة الإسلام. وعند مالك أنهما إن استأنف الإحرام قبل الوقوف بعرفة أنه يجزيهما عن حجة الإسلام. وهو قول أبي حنيفة لأنه يصح عنده رفض الإحرام، وحجة مالك أن كل من دخل في حجة، أو عمرة مأمور بالتمام تطوعًا كان أو فرضًا لقوله تعالى:{وأتموا الحج والعمرة لله} ومن رفض إحرامه لم يتم حجه ولا عمرته.