اختلف في تأويله، فقيل: هو نهي عن هذه الأمور المذكورة من تحريم ما أحل الله وشرع ما لم يأذن به، فهو تأكيد لقوله:{لا تحرموا}. وقيل: المعنى لا تعتدوا فتحلوا ما حرم الله، فالنهيان على هذا تضمنا الطرفين، كأنه قال: لا تحرموا حلالًا ولا تحللوا حرامًا. ودليل هذه الآية أن التشديد في الأمو حتى يترك الإنسان ما أحل الله تعالى له تعبدًا غير جائز؛ لأنه تعالى نهى عن تحريم ذلك، وليس المراد أن يلفظ بلفظ التحريم خاصة، بل أن يتركه تشديدًا على نفسه، لفظ بالتحريم أو لم يلفظ به، وإلا فأي معنى للمنع من اللفظ بالتحريم إذا لم يمنع من المعنى الذي يؤدي إليه لفظ التحريم وترك المحللات على ما ذكرناه دون تلفظ بالتحريم هو المعنى الذي يؤدي إليه التحريم، فينبغي أن لا يجوز ذلك. وبعضهم لا يرى هذا المعنى الذي في الآية، ولذلك اختلفوا في الزهد ما هو؟ فقال بعضهم: ليس الزهد في شيء من الحلال، وإنما الزهد في الحرام؛ لأن العباد لم يؤمروا بالزهد فيما أحل لهم بل هم مأجورون على اكتسابه إذا تورعوا فيه، فلم من الأجر في ذلك ما ليس لتارك الاكتساب، فالوا: ففي التمتع بالحلال خصال لا يجوز الزهد فيها، منها: