(١٣٤) - قوله تعالى:{لها ما كسبت ولكم ما كسبتم}[البقرة: ١٣٤].
أثبت الله تعالى هنا للعبد كسبًا، وقد اختلف في فعل العبد، فالمعتزلة تجعله له، ولا تجعل لله فيه فعلًا، ورأوا أن الثواب والعقاب على ذلك ترتب، وخالفوا الإجماع، و [خالفت] الجبرية فنفت أفعال العبد، ولم تر له فعلًا، وجعلت الفعل كله لله، ورأته مجبورًا على ذلك فلزمهم إشكال الثواب والعقاب والتسوية بين حركة الاختيار وحركة الرعدة، وتوسط أهل السنة فنسبوا الفعل لله تعالى وجعلوا للعبد أيضًا فعلًا ما وسموه كسبًا اتباعًا لما جاء من نسبة الاكتساب، إلى العبد في القرآن والحديث، ووافقوا الإجماع، وفرقوا بين الحركتين المذكورتين، وانفصلوا عن إشكال الثواب والعقاب، وعلى هذا المذهب اعتراضات يصح الانفصال عنها بوجوه ليس هذا موضع ذكرها. وبهذا المذهب يتفق ما ورد في القرآن والحديث ما ظاهره مذهب المعتزلة كقوله تعالى:{وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى}[فصلت: ١٧] وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فأبواه يهودانه أو ينصرانه)) وغير ذلك مما يكثر. وما ظاهره الجبر كقوله تعالى:{ولو شاء الله لجمعهم على الهدى}[الأنعام: ٣٥] وقوله: {ختم الله على قلوبهم}[البقرة: ٧] وقوله صلى الله عليه وسلم: ((السعيد سعيد في بطن أمه [والشقي شقي في بكن أمه])). وما ظاهره مذهب أهل السنة كقوله تعالى:{ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلًا}[الإسراء: ٧٤] وقوله: {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان