فقال قتادة هو الحجاب، أي أبيح لهذه الأصناف الدخول على النساء دون حجاب ورؤيتهن. وقال مجاهد: ذلك في وضع الجلباب وإبداء الزينة. ولما رخص في هذه الأصناف وانخرمن الإباحة، عطف تعالى فأمرهن بالتقوى.
(٥٦) - قوله تعالى:{إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا}:
اختلف في الضمير في قوله:{يصلون} لمن هو؟ فقالت فرقة لله تعالى ولملائكته. وهو قول من الله تعالى شرف الله تعالى به ملائكته فلا يدفعه الاعتراض الذي جاء في قول الخطيب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أطاع الله ورسوله رشد ومن يعصهما فقد ضل. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((بئس الخطيب أنت)) قالوا لأنه ليس لأحد من البشر أن يجمع ذكر الله تعالى مع غيره في ضمير واحد، ولله أن يفعل ما يشاء. وقالت فرقة هو للملائكة خاصة، تقديره أن الله تعالى يصلي على محمد وملائكته يصلون. ودل الظاهر من القول على ما ترك، وليس في الآية اجتماع في ضمير. فعلى هذين القولين لا يجوز لأحد الجمع بين الله تعالى وبين غيره في ضمير ويستدل من ذهب إلى هذا القول بإنكار النبي صلى الله عليه وسلم على رجل قال: ما شاء الله وشئت. وقالت فرقة بل الضمير لله تعالى وملائكته وذلك جائز للبشر فعله ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: بئس الخطيب أنت، لهذا المعنى، وإنما قاله لأن الخطيب وقف على: ومن يعصهما، وسكت. ومما يؤيد هذا أن في كلام النبي صلى الله عليه وسلم في مصنف أبي داود: ومن يعصهما، فجمع ذكر الله تعالى وذكر رسوله في ضمير واحد. وفي كتاب مسلم: بئس الخطيب أنت، وقفه وحمله على الأولى في فصل الضمير وإن كان أقل. ومن يعص الله ورسوله. وهذا يحتمل أن يكون لما خطأه في وقفه أصلح له بعد ذلك