تعالى، وأنكروه فألحقوا النسخ بالتخصيص، ورأوا أنه الخطاب الكاشف عن مدة العبادة. وأشكل على المعتزلة فيه أيضًا ما أشكل على الفقهاء من معنى الرفع، ورأوا أن القديم لا يرفع ولم يلحقوه بالتخصيص كما قال الفقهاء فقالوا: إنه الخطاب الدال على أن مثل الحكم الثابت بالنص المتقدم زائل على وجه لولاه لكان ثابتًا، ووفق الله أهل الحق إلى فهم معنى الرفع الذي هو حقيقة النسخ ومن أخل به فقد أخل بحقيقة النسخ، ورأوا أن الرفع لكلام الله تعالى قطع تعلقه بالمكلف عن المكلف، والكلام لا يتغير في نفسه. ورأوا أنه لا يلزم في ذلك بداء لأنه سبحانه يعلم وقت النسخ، ويعلم أن خطابه المنسوخ يقتضي الدوام إن لم يطرأ ناسخ، ويعلم أنه إذا طرأ النسخ قطع اقتضاء الدوام الذي اقتضاه الخطاب الأول ورفعه بذلك الاقتضاء وهو المرفوع، وهذا هو النسخ، والرفع حقيقة. وقد قرئت هذه الآية في السبع الدائرة بين اليد ((أو ننسها)) من النسيان، وقرئت ((أو ننسأها)) عند أبي عمرو بن كثير. يقال: نسأ الإبل وأنساها إذا أخرها عن الورد، فيكون معنى النسخ في الآ] ة على بابه، ويكون معنى النسيان فيها على قراءة به على وجهين: إما على وجه الترك، وإما بمعنى ضد الترك، ويكون معنى قراءة من قرأ بالهمز ((ننسأها)) التأخير، فإذا قلنا: إن معنى قوله تعالى: {أو ننسها} من النسيان الذي هو ضد الذكر يكون معناه أو نقرر نسيانك لها فتنساها حتى ترتفع جملة. وإن قلنا إن معنى النسيان في الآية احتمل أربعة معان: