إلى هذا التأويل: هذا أولى؛ لأن ظاهر الآية إن لم يحل على ذلك توهم أن المرض والسفر حدث يوجب الوضوء كالمجيء من الغائط، وذلك لا يصح بإجماع. ورجح بعض المتأخرين هذا القول وهو قول محمد بن مسلمة من أصحاب مالك، وقوله تعالى:{من العائط} كناية عن الحدث الخارج من المخرجين: الريح والبول والعذرة، كذا قال بعضهم، فالوضوء على هذا فرض من البول والريح بالقرآن في قوله سبحانه:{أو جاء أحد منكم من الغائط}؛ لأن من ذهب إلى الغائط وهو المكان المطمئن من الأرض تكون منه هذه الأحداث الثلاثة. وقال محمد بن سحنون: الوضوء من البول والريح سنة، يريد أنه فرض بالسنة مما تلقته الأمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينزل فيه قرآن يتلى. قال بعض أصحاب مالك: هذا هو الصحيح لوجهين اثنين، أحدهما: أن العرب لم تكن تأتي الغائط للبول والريح، فالصواب حمل الآية على ما كانت العرب تقصده هناك. والثاني: أن هذين لم تسميهما العرب بالغائط، وألزموا ذلك الاسم ما سواهما. وإذا قلنا: إن الغائط ما يخرج من المخرجين فإنه ينقض الوضوء، إلا أنه عند الشافعي وأبي حنيفة كل ما يخرج منهما نادرًا؛ فلذلك لا ينتقض الوضوء عند الاستحاضة وسلس البول والمذي والحجر والدود والدم، خلافًا لأبي حنيفة والشافعي. ومالك أشعر بتأويل الآية على مذهبه؛ لأن الغائط إنما يقع على الحدثين المعتادين؛ لأن العرب إنما كانت تأتي الغائط